الاقتصاديهرئيسي

صندوق النقد يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3% وسط استمرار التحديات التجارية

الهدهد نيوز – رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي من 2.8% إلى 3% للعام الحالي، ومن 3% إلى 3.1% للعام المقبل، في ظل تراجع طفيف في التوترات التجارية وتحسّن بعض المؤشرات الاقتصادية الأساسية، إلا أن استمرار مستويات الرسوم الجمركية المرتفعة يبقي على حالة من عدم اليقين ويهدد زخم النمو.

جاء ذلك في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها كبير الخبراء الاقتصاديين ومدير البحرث في صندوق النقد الدولي، بيير-أوليفييه غورينشاس، خلال تقديمه تحديث آفاق الاقتصاد العالمي لشهر تموز 2025.

وأوضح غورينشاس أن معظم المناطق في العالم تشهد تحسينات طفيفة في معدلات النمو، مدفوعة بعوامل عدة أبرزها تراجع التضخم العالمي، وتحسّن الأوضاع المالية، وضعف الدولار بنسبة 8% منذ مطلع العام.

وعلى الرغم من هذه التطورات الإيجابية، شدّد التقرير على أن الرسوم الجمركية ما تزال عند مستويات مرتفعة تاريخيا؛ إذ شهدت الولايات المتحدة في نيسان تصعيداً غير مسبوق في الرسوم الجمركية على شركائها التجاريين، قبل أن تتراجع جزئيا وتبدأ تجميدا مؤقتا لهذه الرسوم اعتباراً من أيار، ما خفّض المعدل الفعلي من 24% إلى 17%. إلا أن البيئة التجارية ما تزال هشّة، بحسب صندوق النقد.

وحذّر الصندوق من أن انتهاء فترة التجميد في 1 آب قد يعيد الرسوم إلى مستويات أعلى، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تراجع الناتج العالمي بنسبة 0.3% في عام 2026، وفقاً لنماذج المحاكاة الاقتصادية المعتمدة لدى الصندوق.

وأضاف غورينشاس أن استمرار عدم اليقين في البيئة التجارية قد يُثقل كاهل الاستثمار والنشاط الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة، خاصة إذا لم يتحقق الطلب المتوقع على السلع التي تم تصديرها بكثافة خلال الربع الأول. كما حذّر من أن المخاطر الجيوسياسية ما تزال قائمة، وتزيد من احتمالات حدوث اضطرابات إضافية في سلاسل التوريد.

وأشار كذلك إلى أن معدلات النمو العالمية ما تزال دون المتوسط الذي سبق جائحة كوفيد-19، مع تراجع متوقع في نسبة التجارة إلى الناتج العالمي من 57% عام 2024 إلى 53% بحلول 2030.

وفي المقابل، تواصل الضغوط التضخمية بالتصاعد تدريجياً داخل الولايات المتحدة، في وقت ترتفع فيه أسعار الواردات أو تبقى مستقرة، ما يشير إلى أن تكلفة الرسوم الجمركية تُحمّل حالياً لتجار التجزئة الأميركيين، وقد تنتقل قريباً إلى المستهلكين.

كما سلّط التقرير الضوء على هشاشة الأوضاع المالية العامة في عدد كبير من الدول، نتيجة مزيج من الديون العامة المرتفعة والعجوزات المستمرة، ما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بأي تشديد في الأوضاع المالية، لا سيما في حال تعرّض مبدأ استقلالية البنوك المركزية للتهديد، وهو ما وصفه غورينشاس بـ«الركيزة الأساسية للاستقرار الاقتصادي والمالي».

وفي توصياته، دعا صندوق النقد الدولي إلى العمل على استعادة الاستقرار في السياسات التجارية لتقليص حالة عدم اليقين، وتسوية الخلافات ضمن أطر واضحة وقابلة للتنبؤ. كما شدد على ضرورة حماية استقلالية البنوك المركزية، وتوسيع الحيّز المالي من خلال سياسات ضبط تدريجية وموثوقة، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تعزز الإنتاجية على المدى الطويل.

وأكد الصندوق أن الحفاظ على استقرار السياسات، واستعادة الثقة في النظام التجاري العالمي، يمثلان أساسًا ضروريًا لدعم الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى أن النجاح في تفادي ركود عالمي واسع حتى الآن يعود إلى مرونة الاستجابات المالية والنقدية خلال العامين الماضيين.

وفيما يتواصل مسار انخفاض التضخم العالمي، ما يزال بعيدًا عن أهداف الاستقرار في عدد من الاقتصادات الكبرى، وفق التقرير.

ففي الولايات المتحدة، من المتوقع أن يبقى التضخم أعلى من الهدف البالغ 2% حتى نهاية 2026، بسبب تأثير الرسوم الجمركية وتراجع الدولار. أما في منطقة اليورو، فساهمت قوة اليورو وتدابير مالية استثنائية في تخفيف الضغوط التضخمية. بالمقابل، تم تعديل التضخم الأساسي في الصين صعودًا بشكل طفيف إلى 0.5% في 2025.

رغم التحسن الظاهري في التوقعات، حذر الصندوق من جملة مخاطر قد تعرقل المسار الاقتصادي العالمي، أبرزها تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوكرانيا، مما قد يرفع أسعار السلع الأساسية ويُعقّد سلاسل التوريد.

ومن المخاطر أيضا؛ تزايد مستويات الدين والعجز في دول متقدمة كفرنسا والولايات المتحدة، ما قد يتسبب بتقلبات حادة في الأسواق المالية، واستمرار الضبابية التجارية، والتي تهدد الاستثمارات في الدول المعتمدة على التصدير، وهشاشة الوضع المالي في عدد من الأسواق الناشئة التي تواجه حيزًا ضيقًا للتحرك المالي والنقدي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى